Page 100 - Amna_ Hiat Arabic
P. 100
يشـــ ّكل الأمن موضو ًعـــا مه ًّما وأساســـ ًّيا في حياة البشـــر؛ لذا فقد مقالات وآراء
عكف الباحثون وال ُك ّتاب على دراســـته من جميـــع الجوانب للوقوف
أمن
على جميع أبعاده ومســـتوياته. اللغة العربية
والأمـــن المرتجـــى لا يقتصـــر علـــى جانـــب واحد فـــي حياة الإنســـان،
ولا علـــى موضـــوع واحد فـــي الأرض؛ بـــل إن المطلـــوب تحقيق الأمن وكالة البحث العلمي
الشـــامل بكل أبعاده ومراميه (عبد الحميـــد المجالي2012 ،م ،ص .)2
وإن تحقيـــق الأمـــن بمختلف أشـــكاله في أي مجتمع هو مســـؤولية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
جماعيـــة تقـــع علـــى عاتـــق الجميـــع؛ إذ غـــدا الأمـــن مـــن الشـــؤون
الإســـتراتيجية التـــي تمس جوهر أمـــن الأمة والوطـــن والمواطنين. د .محمود شاكر سعيد
ولـــذا كان الأمـــن اللغـــوي لا ينفصـــل عـــن الأمـــن فـــي ســـائر جوانب
100
الحيـــاة لـــدى الأمم والشـــعوب لســـببين:
أولهمـــا :أن للغـــة امتـــدا ًدا في أوصـــال الحياة جميعهـــا :الاقتصادية
والسياســـية والفكريـــة والثقافيـــة والصحيـــة والعلميـــة ...وغيرها؛
إذ أثبتـــت الدراســـات دور العامـــل اللغـــوي في تعزيز هـــذه المجالات
وتطويرها.
وثانيهمـــا :أن فقـــدان الأمـــن اللغـــوي أو فقـــدان الأمن فـــي أي مجال
مـــن المجالات الحياتية المذكورة ســـيكون ثغـــرة وفقدا ًنا للأمن في
ســـائر المجالات؛ نظـــ ًرا للتكامل بينهـــا كما يرى (جـــرار2016 ،م).
وبـــذا فـــإن الحديـــث عن الأمـــن اللغـــوي هو امتـــداد للأمـــن الوطني
والأمـــن الثقافي والأمـــن الاقتصادي والأمـــن العلمي؛ ذلـــك أن اللغة
قـــد غدت فـــي هذا العصر من أشـــد الأســـلحة الأيديولوجيـــة ضراوة
بعـــد أن بســـطت القـــوى السياســـية والقـــوى الاقتصاديـــة العالمية
ســـيطرتها على أجهزة الإعـــام الجماهيري التي غـــدت آثارها تفوق
كل أثر.
والمقصـــود بالأمـــن اللغـــوي :توفيـــر الوســـائل والإمكانـــات المتاحة
التـــي تحفـــظ للغتنـــا العربيـــة مكانتهـــا ،وتعيـــد إليها ألقهـــا الذي
كانـــت عليـــه في عصـــور تقدمهـــا وازدهارها ،وتعمل علـــى إعادتها
إلـــى الواجهـــة مـــن خـــال جهـــود حقيقيـــة مشـــتركة ،وتحقيـــق
الظـــروف الموضوعيـــة الملائمـــة لتحقيـــق ذلـــك بوضع إســـتراتيجية
شـــاملة تحمـــي لغتنـــا وثقافتنـــا مـــن تيـــار العولمـــة الجـــارف ،فنحن
فـــي ظل مطالبتنـــا بضرورة وجود أمـــن قومي وأمـــن غذائي وأمن
اجتماعـــي واقتصـــادي وصناعـــي وبيئـــي؛ حري بنـــا أن نولـــي لغتنا
التـــي هي عنـــوان وجودنـــا ورمز هويتنـــا جان ًبا من الاهتمـــام بإيجاد
ســـياج وا ٍق لا يقوم على الانعزال والتشـــرنق والتقوقع ،وإنما ينفتح
علـــى الآخـــر بذهنيـــة الواثـــق المتيقن مـــن قيمه وموروثـــه في ظل